هل فكرت يومًا في لعبة رائعة لم تُنجزها بعد، لعبة تحبس الأنفاس بابتكارها وأفكارها، ولكنك لم تصل إلى حيز الوجود سوى كخيال في ذهنك؟
قد تبدو هذه الفكرة غريبة، ولكن في عالم ألعاب الفيديو، لا تكمن الجودة فقط في تقنيات الرسوميات المتقدمة أو في الصوتيات الرائعة، بل في الفكرة نفسها، بل يكمن في الفكرة التي تجذبك وتجعلك تتوق لتجربة اللعب.
من هنا نصل إلى “ما قبل الإنتاج”؛ مرحلة هامة جدًا في مسيرة أي لعبة، حيث يتم فيها صقل الفكرة وتحويلها من خيال إلى واقع، من مجرد فكرة تدور في رأسك إلى خطة شاملة ومحددة لكل مكون من مكونات اللعبة.
تُعتبر هذه المرحلة بمثابة “الجنين” للعبة، وهي المرحلة التي تحدد مستقبلها في نهاية المطاف، فهل فكرتك جديرة حقًا بأن تصبح لعبة كاملة؟
في هذا المقال اتحدث عن عدة نقاط مختلفة بهذا الشأن، منها توضيح لعملية “ما قبل الانتاج” ثم الانتقال إلى دراسة السوق قبل البدء في الفكرة، ثم البدء في صناعتها والانتقال إلى الاختبارات الاولية وصولا إلى النتائج النهائية.
بهذا المسار ارجو أن تصبح على طريق صواب يساعدك في اتخاذ قرارات نهائية بخصوص فكرتك لمعرفة هل لها مستقبل مُشرق ام لا.
عناصر المقال
ما قبل الإنتاج: أهميته وأهدافه
قبل أن تغوص في عالم تصميم الألعاب وتفاصيلها الفنية، عليك أن تُدرك أهمية مرحلة ما قبل الإنتاج. هذه المرحلة تُشبه رسم خارطة طريق واضحة قبل الانطلاق في رحلة طويلة، فهي تُركز على تخطيط وتنفيذ الخطوات الأولى لنجاح مشروعك.
تتضمن مرحلة ما قبل الإنتاج مجموعة من المهام الأساسية، كالتخطيط للعبة، وصياغة مفهومها الأساسي، و تحديد الجمهور المستهدف، وتحديد الميزانية المُتاحة، ووضع خطة تسويقية أولية.
لماذا هي مرحلة ضرورية؟ لأنها تُساعدك على اختبار فكرتك، وتحديد نقاط القوة والضعف فيها، وبناء أسس متينة لمشروعك. فمن خلالها تُصبح قادرًا على تجنب المخاطر المحتملة، وتحديد الاحتياجات الحقيقية لنجاح اللعبة، وتقليل تكلفة التطوير وتقليل الوقت اللازم لإنجاز المشروع.
تهدف مرحلة ما قبل الإنتاج إلى توفير إطار عمل متكامل للعبة، وتحديد جميع الجوانب الأساسية قبل بدء مرحلة التصميم والتنفيذ. ستُمكنك هذه المرحلة من:
- تحديد مفهوم واضح للعبة: تحديد نوعها، أسلوب اللعب، الجمهور المستهدف، قصة اللعبة، وبناء الشخصيات.
- وضع خطة متكاملة: ميزانية اللعبة، الجدول الزمني للتنفيذ، وتحديد الموارد المتاحة.
- اختبار جدوى الفكرة: الوصول إلى نقطة مستوى قبول الجمهور للفكرة ومعرفة إمكانية النجاح في السوق.
- التحكم في التكلفة: الحد من التكلفة في المراحل التالية و التحكم في إنفاق الميزانية.
بناءً على ما سبق، تُعد مرحلة ما قبل الإنتاج خطوة أساسية لضمان نجاح مشروع لعبة الفيديو، فهي تُمهد لك طريقًا واضحًا للتطور والاستمرار.
دراسة السوق وتحليل المنافسة
لا يكفي أن تكون فكرتك لعبة مميزة، بل عليك أن تفهم السوق الذي ستنافس فيه! من خلال دراسة السوق وتحليل المنافسة، ستصبح على دراية أكبر بفرص النجاح لعملك.
أبدء بتحديد اللاعبين المستهدفين، ثم معرفة أعمارهم، اهتماماتهم، وأنواع الألعاب التي يفضلونها. بمجرد تحديد الجمهور المستهدف، ستتمكن من تصميم لعبة تتناسب مع احتياجاتهم ورغباتهم.
ثم عليك تحليل المنافسة: ما هي الألعاب المشابهة في السوق؟ ما هي نقاط قوتها ونقاط ضعفها؟ ما هي مميزاتها التي جذبت اللاعبين؟ من خلال فهم منافسيك، ستتمكن من تحديد ما يميز لعبتك عنهم، ووضع استراتيجية تنافسية فعالة.
يعد تحليل السوق والمنافسة خطوة أساسية لفهم البيئة التنافسية وتحديد نقاط القوة والضعف في مشروعك. من خلال هذا التحليل، يمكنك تحديد الفئة المستهدفة التي تستهدفها لعبتك بشكل مثالي.
ثم تحديد الميزة التنافسية الفريدة التي تميز لعبتك عن غيرها. هذه المعلومات تساعدك على بناء استراتيجية تسويقية فعالة وزيادة فرص نجاح المشروع.
اتخذ هذه الخطوات كاحجار أساس في مرحلة ما قبل الإنتاج، وستزداد فرص نجاحك في عالم تطوير الألعاب!
بداية صناعة عالم لعبتك
في هذه المرحلة، ستبدأ رحلة إبداعية لتشكيل جوهر لعبتك، فلتبدأ بتصميم الشخصية! بتحديد بطل لعبتك، وما الذي يدفعه للانطلاق في هذه المغامرة، ما هي أهدافه، وكيف يتطور عبر الأحداث.
بعد ذلك، حدد آليات اللعب الأساسية، ما هي التحديات التي ستواجهها الشخصية؟ ما هي أنواع الأعداء التي ستواجهها؟ ما هي المهام التي سيتعين عليها إنجازها؟ أضف لمسة من الإبداع إلى نظام اللعب.
ثم فكر في ميكانيكا اللعبة ، فهي الطريقة التي يتفاعل بها المستخدم مع العالم، فبها عناصر التحكم والعناصر المرئية والصوتية التي تساهم في إحياء عالم اللعبة، اجعلها سهلة الفهم وسلسة الاستخدام، وذلك لضمان تجربة لعب ممتعة ومجزية.
ومجددا لا تنسَ التفاعل، فيجب عليك تحديد كيف سيتفاعل اللاعبُ مع هذا العالم، وهل سيُشارك في حواراتٍ مُثيرةٍ تُؤثّر على مسار القصة، كان تُقدم له خياراتٍ تُؤثر على مصيرِ الشخصياتِ الأخرى.
اجعل عالمَ لعبتكَ يُثيرُ دهشةَ اللاعبِ ويُغريه باكتشافِ كلّ ركنٍ فيه، واجعل قراراته تُحدثُ فرقًا حقيقيًا في مصيرِ الشخصياتِ والقصصِ التي يُرويها عالمك.
الاختبارات الأولية
وكما أحاول جاهدا توضيحه في هذا المقال فقبل أن تغوص في عملية تطوير لعبة كاملة، من المهم للغاية اختبار فكرتك بشكلٍ دقيق. حتى لا تقع في تجهيز وتطوير والتخطيط للعبة قد لا يكون لها مستقبل
فلا تتردد في استخدام العديد من أنواع الاختبارات، ابدأ باختبار الفكرة نفسها، تعرّف على مدى جاذبيتها للجمهور المستهدف. بعد ذلك، انتقل لاختبار اللعب الأولي، واختبر آليات اللعبة الأساسية و سهولة فهمها من قبل اللاعبين.
ولكن كيف تحصل على التعليقات والنصائح المهمة للتطوير؟ بإمكانك إشراك أصدقاءك و عائلتك في اختبار اللعبة و طلب ملاحظاتهم، يمكنك أيضًا الاعتماد على الأفراد الذين يديرون قنوات مخصصة لـ مراجعة الألعاب و منحها التقييمات.
أخيرًا، لا تنسَ الاعتماد على مجتمع لاعبين الألعاب و عرض لعبتك عليهم و طلب ملاحظاتهم و نصائحهم، فإنّ خبراء الألعاب غالبًا ما ينصحون بأفكار و ملاحظات غاية في الأهمية. استمع إلى تعليقاتهم بعناية، واستفد منها لتحسين لعبتك و جعلها أفضل و أكثر جاذبية للجمهور.
النتائج والقرارات
بعد إتمام مرحلة ما قبل الإنتاج، ستجد نفسك أمام نتائج وتقييمات تُحدد مصير مشروعك. فكر في فكرتك بشكل دقيق: هل هي قابلة للتطبيق؟ هل تمتلك قوة جذب للجمهور؟ هل تفرض نفسها كفكرة مميزة؟ لا تتردد في طرح هذه الأسئلة على نفسك بصدق.
وبعد تقييم فكرتك، تأتي مرحلة القرارات المصيرية: هل ستستمر في تطوير اللعبة؟ هل تمتلك الإمكانيات والحماس للاستمرار في هذه الرحلة؟ إذا كانت إجابتك بنعم، فستكون أمامك خطوات محددة يجب اتخاذها.
الآن حان وقت وضع خطة عمل دقيقة، حدد الموارد المطلوبة، سواء البشرية أو المادية، واختر فريق العمل المناسب أن كان لديك الميزانية لذلك.. ستكون هذه الخطوات بمثابة خارطة طريق واضحة تساعدك على المضي قدمًا نحو إنجاز مشروعك وتحويل فكرتك إلى واقع.
انصحك برؤية مقال “مراحل تطوير الألعاب التي تستعملها الشركات” فبه ستجد بقية المراحل التي تحتاج للتعرف إليها وتجعلك على إطلاع بماهية خطوتك القادمة