كيفية أختيار اسلوب الرسوميات المناسب للعبتك

رسوميات

الرسوميات/Graphics هي نسيج اللعبة، روحها التي تُلبّسها ثوباً جذاباً يُلفت أنظار اللاعبين، فلا تقتصر وظيفتها على مجرد عرض المشاهد، بل تشكل جوّ اللعبة العام، وتُحدد فئتها المستهدفة، وتُوحي بالمشاعر والأحاسيس التي ترغب في إيصالها انت كمطور العاب.

فأسلوب الرسوميات ليس مجرد اختيار بين رسوم ثنائية أو ثلاثية الأبعاد، بل هو خليط من العناصر الفنية المتضافرة؛ من تقنية الرسم المُستخدمة، وطريقة عرضها، وحتى لوحة الألوان المُختارة / Color palette.

فكّر، مثلاً، في لعبة رعب نفسية، فستجد أن الرسوميات القاتمة، ذات التفاصيل المُظلمة والتشويش البصري، تُضفي جوّاً من الخوف والترقب، بينما لعبة مغامرات خفيفة، تُفضل استخدام رسوميات مشرقة بألوان زاهية، تُوحي بالمرح والانطلاق.

وليس هذا فقط، بل إن اختيار أسلوب الرسوميات يُؤثّر أيضاً على أداء اللعبة، فبعض الأساليب تتطلب موارد تقنية أقل، مما يُناسب مطوّري الألعاب المستقلين الذين يمتلكون موارد محدودة.

لذا، يُعتبر اختيار أسلوب الرسوميات قراراً حاسماً في عملية تطوير لعبj;K وهو ما أتناوله تفصيلاً في هذا المقال، حيث سأرشدك إلى معايير أساسية لاختيار الأسلوب الأمثل لرسوميات لعبتك، مُعتبرا جميع الجوانب التي ذكرناها آنفاً.

فهم أنواع الرسوميات المختلفة

قبل الشروع في تصميم عالم لعبتك، عليكَ أولًا فهم أنواع أساليب الرسوميات المتاحة، فاختيار الأسلوب المناسب يُحدد هوية لعبتك وجاذبيتها وحتى جدواها الاقتصادية.

لدينا مقال سابق بالفعل عن الرسوميات المختلفة في تطوير الألعاب مع نظرة شاملة عنهم، يمكن الوصول للمقال من هنا:

ما هي انواع الرسوميات المستخدمة في تطوير الالعاب

مع ذلك دعنا نلقى نظرة سريعة على كل نوع

يُمثل أسلوب الـ”Pixel Art” مثالاً رائعًا، يتميّز ببساطته الساحرة وقدرته على إثارة الحنين، إلا أنه قد يُقيّدك في التفاصيل الدقيقة، 

أما أسلوب “Hand-drawn”، فيمنحكَ حرية إبداعية أكبر، حيث يُمكنكَ رسم كل عنصر يدويًا، مُضفيًا طابعًا شخصيًا مميزًا، لكنه يتطلّب وقتًا وجهدًا أكبر بكثير. 

يُقدّم الرسم المتجهي(“Vector Graphics”) ميزةً فريدةً تتمثّل في قابليته للتوسيع دون فقدان الجودة، وهو ما يجعله مثاليًا للألعاب التي تتطلب دقة عالية في العرض على شاشات متنوعة.

أما في عالم الرسوميات ثلاثية الأبعاد، فتجد أسلوب “Low-poly”، الذي يُميّزه بساطة تصميم الشخصيات والبيئات مع الحفاظ على أسلوب فني جذاب. يُتيح هذا الأسلوب أداءً أفضل على أجهزة أقل قوة، كما يُمكنه أن يُضفي طابعًا فنيًا مميزًا.

يوجد أسلوب “High-poly/Realistic”، الذي يُعرف بواقعيته العالية وتفاصيله الدقيقة، إلا أنه يتطلب موارد حاسوبية كبيرة، ويُمكن أن يكون مُكلفًا من حيث وقت التطوير. وألعابٌ كثيرة من ألعاب تقمص الأدوار تُستخدم هذا الأسلوب.

وأخيرًا، هناك “Stylized 3D”، وهو أسلوب واسع ومتنوع، يتيح لكَ مزج الواقعية مع أسلوب فني خاص بك، مُتجاوزًا حدود الواقعية البحتة، مما يُتيح لكَ إبداع عالم فريد بلمستك الشخصية،

يجب أن تُدركَ هذه الاختلافات جيدًا قبل أن تختار ما يناسب لعبتك.

ملاءمة أسلوب الرسوميات مع فكرة لعبتك

عند اختيار أسلوب رسوميات لعبتك، لا تهمل أهمية التناسق بين هذا الأسلوب وفكرة اللعبة نفسها. فاختيارك للأسلوب البصري ليس قرارًا عشوائيًا، بل هو قرار استراتيجي يؤثر بشكل مباشر على تجربة اللاعب النهائية.

فكر في الأمر: هل من المنطقي استخدام رسوميات واقعية عالية الدقة في لعبة من فئة Platformer بسيطة تعتمد على سرعة رد الفعل؟ ربما لا! بل في الاغلب أن الاجابة لا، لعدم تناسق فيزياء اللعبة الكرتونية مع واقعية الرسوميات.

في حين أن هذا الأسلوب قد يكون مثاليًا للعبة أكشن واقعية تُركز على التفاصيل الدقيقة للبيئة والشخصيات، إلا أنه قد يُثقل اللعبة ويزيد من متطلباتها التقنية دون داعٍ في حالة ألعاب أخرى.

فمثلاً، أسلوب Pixel Art، ببساطته وتاثيره، يُعتبر خيارًا مثاليًا للألعاب المستوحاة من عصر الألعاب الكلاسيكية، خاصة ألعاب المنصات ذات التصميمات البسيطة والتركيز على اللعب المُمتع.

أما أسلوب الرسوم ثلاثية الأبعاد الواقعية (3D Realistic)، فيُضفي على اللعبة هالة من الواقعية والغوص العميق في التفاصيل، وهو مناسب بشكل خاص لألعاب الأكشن والمغامرات التي تتطلب بيئات غنية بالتفاصيل وتعبيرات واقعية للشخصيات.

فكر جيدًا في نوع اللعبة التي تُطورها: هل هي لعبة استراتيجية تعتمد على التفكير العميق؟ أم لعبة ألغاز تتطلب تركيزًا عالياً؟ أم لعبة أكشن سريعة الخطى؟ كل نوع من هذه الأنواع يُناسب أسلوبًا رسوميًا مُعينًا.

يجب أن يعكس أسلوب الرسوميات جو اللعبة وقصتها، فإن كانت لعبتك تدور في عالم خيالي ساحر، فقد يكون أسلوب الرسوم المُلونة والمتوهجة هو الخيار الأمثل، بينما لعبة تدور في عالم قاتم ومُظلم قد تتطلب أسلوبًا رسوميًا مُعتمًا يعكس أجواءها.

وواحدة من افضل النصائح لمعرفة الاسلوب المثالي للعبتك، هو بلعب/عرض العاب اخرى من نفس الفئة، بل عندما تتعرض للكثير من تلك الالعاب، ستبدء في ملاحظة اسلوب شائع اكثر من البقية 

الموارد والوقت اللازم لكل أسلوب

عند اختيارك لأسلوب رسوميات لعبتك، لا تستهنّ بأهمية الموارد والوقت اللازم لإنجازه. فكثيرًا ما يقع مطورو الألعاب المستقلين في فخّ التخطيط لرسوميات تفوق قدراتهم وطاقتهم. لذا، قبل أن تُغرِيكَ جماليات أسلوبٍ معيّن، عليكَ تقييم موارِدك بعناية.

فهل لديكَ الفريق المناسب؟ أعني بذلك، هل تمتلك عددًا كافيًا من الرسامين ذوي الخبرات المتنوعة والمتوافقة مع أسلوبك المختار؟ 

فأسلوب “البيكسل آرت” مثلاً، قد يتطلب رساما ماهرًا في هذا الأسلوب تحديدًا، بينما أسلوب الرسوميات الواقعية يتطلب فريقًا أكبر، وربما مُختصين في النمذجة ثلاثية الأبعاد، والمواد، والإضاءة.

وليس العدد وحسب، بل المهارات المُحدّدة، فخبرة الرسامين عامل حاسم في سرعة الإنتاج وجودته.

أما على الصعيد التقني، فكرّس وقتًا كافيًا لتقييم متطلبات البرنامج المستخدم. هل لديكَ الحواسيب والأجهزة القادرة على تشغيل هذه البرامج بكفاءة؟ فالبرامج المستخدمة في الرسوميات ثلاثية الأبعاد عالية الدقة تستهلك موارد هائلة.

يجب أن تضع في حسبانك أيضًا القدرة على اختبار اللعبة على أجهزة مختلفة، فاختلاف المواصفات يتطلب جهدًا إضافيًا في التحسين. 

وأخيرًا، والأهم، هو الوقت. حدد وقتًا واقعيًا لإنتاج الرسوميات، مع مراعاة احتمالية حدوث تأخيرات غير متوقعة.

للتغلب على هذه التحديات، أنصحك بالتركيز على أسلوب بسيط لكن فعال، يُلائم قدراتك، ويضمن إنجاز اللعبة في الوقت المحدد.

اختيار الأدوات والتقنيات المناسبة لكل أسلوب

بعد أن حددت أسلوب الرسوميات الذي يناسب رؤيتك الإبداعية للعبة، يأتي دورٌ حاسمٌ لا يقل أهميةً عن اختيار الأسلوب نفسه: اختيار الأدوات والتقنيات المناسبة لتنفيذه.

فلا يكفي أن ترى لعبتك تتجلى بأسلوبٍ فنيٍّ رائعٍ في مخيلتك، بل يتوجب عليك ترجمة هذه الرؤية إلى واقعٍ ملموسٍ باستخدام الأدوات الصحيحة. ويمثل هذا الاختيار تحديًا في حد ذاته، إذ يتطلب منك بحثًا دقيقًا وفهمًا عميقًا لقدرات كل برنامج وتقنية.

فإذا اخترت أسلوب رسوميات ثنائية الأبعاد (2D)، قد تجد في برنامجين كـ Aseprite و Piskel خيارين ممتازين للرسم والرسوم المتحركة، يتميز الأول بقدراته المتقدمة وواجهته المريحة للمحترفين، في حين يوفر الثاني بيئة أكثر بساطةً وسهولةً للمبتدئين.

أما في عالم الرسوميات ثلاثية الأبعاد (3D)، فيعدّ Blender برنامجًا مجانيًا مفتوح المصدر يتميز بقدراته الهائلة وقوته في النمذجة والرسوم المتحركة، مما يجعله خيارًا مثاليًا للمطورين المستقلين ذوي الميزانيات المحدودة. لكنّه يتطلب بعض الجهد في التعلم والتخصيص.

لذا، قبل أن تُقدم على اختيار أية أدوات، تأكد من أن تُحدد احتياجاتك الفنية ومستوى خبرتك، ومواردك المتاحة، لتختار ما يناسبك ويُحقق أقصى استفادة من وقتك وجهدك.

للمزيد حول ادوات الرسوميات المختلفة، يمكن رؤية تصنيفنا الخاص بادوات تطوير الألعاب من هنا، وفي حال اردت برنامجا محددا، فان التعليقات مفتوحة لجميع الاقتراحات

نصائح عملية لاختيار الأسلوب المناسب

اعتقد انك تعرف الان مدى اهمية مرحلة اختيار أسلوب الرسوميات في تطوير لعبتك، فلا تُستهنّ بها أبدًا. لذا، إليك بعض النصائح العملية التي ستُساعدك على اتخاذ القرار الأمثل: 

ابدأ بأسلوب رسوميات بسيط، قابل للتطوير والتعديل بسهولة. هذا وحده كافي لجعلك تركز على آليات اللعب الأساسية دون أن تُثقل كاهلك بمعالجة رسوميات معقدة في المراحل الأولية. تذكر أنَّ البساطة لا تعني الرتابة، بل تُتيح لك تجربة أفكارك وتعديلها مرونةً أكبر.

ركز على أسلوب يبرز نقاط القوة في لعبتك، فلا تُحاول مُجاراة تقنيات فائقة إذا كانت لعبتك ذات إطار قصصي بسيط، فقد تُشتّت هذه التقنيات اللاعب عن جوهر تجربته. لذلك، يجب أن يكون أسلوبك الرسومي مُكمّلاً لتصميم اللعبة، ومُعزّزًا لتجربة اللاعب، لا مُنافِسًا له.

التخطيط المسبق أمراً حاسم، فعليك دمج أسلوبك الرسومي المختار في تصميم اللعبة منذ البداية، بدءًا من تصميم الشخصيات والبيئات وحتى واجهة المستخدم. هذا يُسهّل عليك عملية التطوير ويُجنّبك الكثير من التعديلات المُرهقة لاحقاً.

قبل اتخاذ القرار النهائي، لا تتردد في التجربة والاختبار. جَرّب أسلوبين أو ثلاثة مختلفة، وابنِ نماذج أولية صغيرة لترى كيف يبدو كل أسلوب ضمن سياق لعبتك. راقب ردّة فعل أصدقائك وزملائك على هذه النماذج، واستفد من آرائهم البنّاءة.

مصدر صورة الغلاف

4.8 5 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest

1 تعليق
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
مش مهم
مش مهم
6 أيام

انا فخور جدا بمقالات الموقع وشغال اتعلم منكم شكرا لكم