حتى تنجح لعبتك، لا يكفي أن تمتلك فكرة مبتكرة ومميزة فحسب، بل يتطلب ذلك أيضاً إستراتيجية تسويقية فعّالة، فكثيرٌ من الألعاب الرائعة تُدفن تحت كومة من الألعاب الأخرى، ببساطة لأن مطوريها لم يعطوا التسويق الاهتمام الكافي.
ربما واجهتَ بنفسك صعوباتٍ في الترويج للعبتك السابقة، أو ربما تشعرُ بالقلق من كيفية الوصول إلى جمهورك المستهدف دون امتلاك ميزانية ضخمة كشركات الألعاب الكبرى.
لذا كتب هذا المقال خصيصاً من أجلك، لتُسلّطَ الضوءَ على أهمية التسويق للألعاب المستقلة، وكيف يُمكنك، حتى بمواردك المحدودة، أن تصلَ إلى قلوب اللاعبين وأن تحققَ نجاحاً باهراً.
ستتعرف من خلاله على أدواتٍ وطرُقٍ مجانية أو منخفضة التكلفة، ستمكنك من بناء قاعدة جماهيرية قوية وزيادة وعي اللاعبين بلعبتك. ستكتشفُ أيضاً كيف تُحددُ جمهوركَ المستهدف، وكيف تُبني علاقةً قويةً معهم، وكيف تُديرُ حملاتِكَ الإعلانية بذكاء.
وفي البداية ومهما كان المشروع الذي تود عمله او كانت اللعبة التي تريد صنعها او قد صنعتها بالفعل، فيجب عليك تحديد الجمهور المستهدف الذي تريد تسويق لعبتك اليه :
عناصر المقال
فهم جمهورك المستهدف
عليك أن تفهم جمهورك المستهدف جيداً. فهذه ليست مجرد خطوة أولى، بل هي حجر الأساس الذي تبنى عليه نجاح لعبتك. تخيل أنك تُطلق صاروخاً دون تحديد وجهته، فهل ستصل إلى حيث تريد؟ كذلك، التسويق دون فهم من تُخاطب هو بمثابة إطلاق صاروخ أعمى.
لذا، خصص وقتاً كافياً لتحديد خصائص جمهورك بدقة.
- ما هو متوسط أعمارهم؟
- هل هم من الذكور أم الإناث أم كليهما؟
- وما هي اهتماماتهم خارج عالم الألعاب؟
- ما هي منصات الألعاب التي يفضلونها؟
- هل يلعبون على أجهزة الكمبيوتر، أو وحدات التحكم، أو الهواتف الذكية؟
كل هذه التفاصيل دقيقة، ولكنها تُشكل صورة واضحة عن اللاعب الذي تُريد الوصول إليه.
ولمعرفة ذلك، لا تعتمد على التخمين فقط. استخدم أدوات تحليل البيانات المتاحة. فهي بمثابة “بوصلة” تُرشدك إلى فهم سلوك اللاعبين، وتُساعدك على معرفة ما يُفضّلونه وما يكرهونه.
فمثلاً، أن كانت لديك لعبة بالفعل ونشرتها، فيمكنك تتبع عدد مرات تحميل اللعبة، والمدة التي يقضيها اللاعبون داخلها، والمراحل التي يتوقفون عندها، وحتى ردود أفعالهم على عناصر اللعبة المختلفة. وان لم يكن، ربما جرب وابحث عن العاب مشابهة وحلل القاعدة الجماهيرية لتلك الألعاب
كل هذه البيانات تُقدم لك معلومات قيّمة عن تفضيلات اللاعبين وسلوكياتهم. فبناءً على هذا الفهم، ستتمكن من اختيار قنوات التسويق المناسبة، واستهداف الجمهور المُستهدف بطريقة فعالة، مما يزيد من فرص نجاح حملتك التسويقية ويُحقق لك أفضل عائد على الاستثمار.
بناء هوية قوية للعبة
كما وضحت، فانه لا يكفي امتلاك لعبة ممتعة ومبتكرة حتى تنجح؛ بل تحتاج إلى هوية قوية تميّزك عن الآخرين وتجذب انتباه الجمهور المستهدف. لذلك فكر ملياً في بناء هوية متينة للعبة تعكس جوهرها ورسالتها.
ابدأ بتصميم شعار مميز، ليس مجرد شعار جميل، بل شعار يعكس جوهر اللعبة، يُسهل حفظه، ويبقى عالقا في أذهان اللاعبين.
ولا تستهن بأهمية الوصف المستخدم في المتاجر التي ستضع فيها العبة؛ فهو واجهتك الأولى مع اللاعبين، لذا اجعله جذابًا ومُلفتًا، يُلخص أبرز مميزات لعبتك بطريقة إيجازية وشيقة، ويُثير فضول اللاعبين لمعرفة المزيد.
وانتبه لتناسق الهوية البصرية، فمن لون الشعار وخطوطه إلى واجهة اللعبة نفسها، يجب أن ينبعث منها شعور بالاتساق والانسجام. وللمزيد حول تناسق البصريات، يمكنك زيارة مقالنا هذا : كيفية اختيار وانشاء الاصول (Assets) المتناسقة.
إذا كانت لعبتك تمتلك قصة، فاجعلها قلب هويتك؛ فهي الوسيلة الأمثل لبناء اتصال عاطفي مع جمهورك. ركز على الرسالة الرئيسية التي ترغب في إيصالها من خلال هذه القصة، وكيف ستؤثر في اللاعبين على المستوى العاطفي، فالتجربة العاطفية المؤثرة تترك أثرًا عميقًا لا يُنسى، و تُشجع على التوصية باللعبة بين اللاعبين أنفسهم.
استراتيجيات التسويق الرقمية:
تُتيح لك هذه الاستراتيجيات الوصول إلى شريحة واسعة من اللاعبين المحتملين، وبناء قاعدة جماهيرية مُخلصّة. فكر في الانترنت كساحة معركة حيوية، حيث تتنافس ألعاب عديدة على جذب انتباه اللاعبين.
لذا، ينبغي عليك استغلال مختلف القنوات الرقمية بفعالية. ابدأ بمواقع التواصل الاجتماعي، فلكل منها جمهوره الخاص واستراتيجيته المُثلى؛
- استخدم إكس (تويتر سابقا) للإعلانات الموجزة والمعلومات السريعة
- فيسبوك لبناء مجتمع وتفاعل أعمق
- إنستغرام لعرض صور ومقاطع فيديو مُذهلة لعبة
- تيك توك لخلق مقاطع فيديو قصيرة جذابة،
- ديسكورد لبناء مجتمع مُتفاعل ومباشر.
لا تنسَ قوة الإعلانات المدفوعة على منصات مثل فيسبوك، جوجل، وتويتر؛ لكن تذكر أن تُحدد ميزانيتك بعناية وأتحدث عن هذه النقطة في نهاية المقال.
لا تتردد في استخدام مواقع مشاركة الفيديو، فعلى يوتيوب وتويتش، يمكنك إنشاء محتوى مُقنع يعرض ميزات لعبتك بطريقة مُلفتة.
ولا تستهن بأهمية التعاون مع المُؤثرين في عالم اللعب، فالتواصل معهم وطلب تغطية لعبتك من خلال مدوناتهم أو قنواتهم يُمكن أن يُحقق نتائج باهرة.
التسويق عبر العلاقات العامة (PR)
هنا يأتي دور التسويق عبر العلاقات العامة، أداةً فعّالةً تُمكّنك من الوصول إلى جمهور أوسع بكثير مما تتخيل. هذا النوع من التسويق لا يعتمد على الإعلانات المباشرة، بل على بناء علاقاتٍ قويةٍ مع وسائل الإعلام والمدونين المؤثرين في مجال الألعاب.
تخيل هذه الصورة: فيديوٌ يُغطي مميزات لعبتك على قناةٍ مُتخصصةٍ، او مقالٌ مُشيدٌ بلعبتك في موقعٍ إلكترونيٍّ شهير، (تواصل معنا أن احتجت لدعاية للعبتك)
هذا هو جوهر قوة العلاقات العامة. ولتحقيق ذلك، عليك بصياغة بيانات مُقنعة وجذابة، تُلخص جوهر لعبتك وأهم ما يميزها، مع التركيز على ما يجعلها فريدةً ومُختلفةً عن غيرها. لا تتردد في إرفاق مواد بصرية مُذهلة، كصورٍ عالية الجودة أو مقاطع فيديو قصيرة، لتُضفي رونقاً إضافياً على بياناتك.
ابحث عن اليوتيوبر والمدونين واصحاب الحسابات المؤثرة على وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، الذين يُغطون ألعاباً مُشابهةً للعبة التي طورتها، وتواصل معهم بشكلٍ مُحترفٍ، مُقدماً لهم معلوماتٍ قيّمةً عن مشروعك.
كما أن بناء الثقة مع هؤلاء المُؤثرين ليس مهمةً سهلةً، ولكنها تُعدّ استثماراً ذكياً على المدى الطويل، سيزيد من مصداقية لعبتك ويُعزز من فرص نجاحها. فلا تُهمل هذا الجانب.
إدارة المجتمع
تُشكّل إدارة مجتمع اللاعبين ركيزةً أساسيةً لنجاح لعبتك، فهي لا تقتصر على مجرد زيادة المبيعات، بل تمتد لتكوين علاقة وطيدة وولاءٍ حقيقيٍّ بينك وبين جمهورك.
فكر في مجتمعك ككيان حيّ يتفاعل مع إبداعك، ويُشاركك رحلة تطوير اللعبة وتحديثاتها. لذا، يجب أن تُولي اهتمامًا خاصًا ببناء هذا المجتمع وتنشيطه باستمرار.
لا يكفي مجرد إطلاق اللعبة وتركها تُدير نفسها، بل عليك التواصل بشكلٍ مُباشر مع لاعبينك، والاستجابة الفعّالة لأسئلتهم واستفساراتهم، مهما كانت بسيطةً أو معقدةً. وطبعا سرعة الاستجابة وإظهار اهتمامٍ حقيقيٍّ بآرائهم يُعزز ثقتهم بك وبلعبتك.
ولتحقيق ذلك، استخدم المنصات التواصل الاجتماعي المناسبة لجمهورك المستهدف، وارفع منسوب التفاعل من خلال طرح أسئلة، وإجراء استطلاعات رأي، ومشاركة محتوى مُثير للاهتمام خلف الكواليس.
يمكنك أيضًا تنظيم فعالياتٍ ومسابقاتٍ مُتكررة، لتشجيع التفاعل وتقديم حوافز للاعبين المُخلصين. اجعل هذه الفعاليات مُتَنوعةً لتناسب أذواق جميع أعضاء مجتمعك، فقد تكون مسابقةً تصميميةً أو فرصةً للتعاون في تطوير محتوى اللعبة.
عليك أيضًا أن تكون مُستعدًا للاستماع لشِكاوى اللاعبين، وأن تُظهر مرونةً في معالجة المشكلات التي تواجههم. فكل ذلك يُسهم في بناء علاقةٍ ثقةٍ مُتينة، تصب في النهاية إلى زيادةٍ في المبيعات والولاء لعلامتك التجارية.
ميزانية التسويق للعبة مستقلة (نصائح عملية)
حتى إن كانت ميزانيتك محدودة، يجب عليك تخصيص مبلغ معين للتسويق، فهو استثمارٌ لا يُمكن الاستغناء عنه. لا تفكر في هذا المبلغ كـ”نفقات”، بل كـ”استثمار” في نجاح لعبتك.
أصغر ميزانية يمكن أن تُحقق نتائج باهرة إذا تم توزيعها بحكمة. ابدأ بتحديد أهدافك التسويقية بدقة، فذلك يُحدد لك الأولويات ويساعدك في توزيع الميزانية بكفاءة.
ركز على قنوات التسويق التي تُناسب جمهورك المستهدف، فلا داعي لإهدار الموارد في قنوات لا تُحقق عائدًا مناسبًا. وبالقنوات اعني اي طريقة للتواصل مع جمهورك (قد تكون الطريقة هي اعلان لعبتك في المؤتمرات او مواقع الاخبار!)
ابحث عن الحلول المُتاحة مجانًا، فكثير من المنصات توفر أدوات تسويقية مجانية فعّالة، مثل وسائل التواصل الاجتماعي. استخدمها بحكمة، وأنشئ محتوى مُقنعًا وجذابًا يجذب انتباه اللاعبين المحتملين.
لا تستهنّ بقوة المحتوى المرئي، فالفيديوهات القصيرة والمقاطع الترويجية الجذابة تُعدّ من الوسائل المُؤثرة جدًا.
كما أن الاستدامة في التسويق أهم من الإنفاق الكبير مرة واحدة. خطط لميزانية تسويقية مُستدامة على المدى الطويل، حتى تتمكن من الترويج للعبة على نحو مُستمر وتُبقيها في أذهان اللاعبين.