ما هي المتعة؟ وما عناصر اللعبة الممتعة؟

تجربة اللعب

المتعة هي جوهر الألعاب سواء كانت ألعاب فيديو أو حقيقية مثل كرة القدم وألعاب الورق والدمى، وهي ما تجذب اللاعبين، فأن لم تكن ممتعة لن يهتم بها أو يلعبها احد.

ومطور الألعاب هو فنان يصنع ألعاباُ ممتعة بحق, صحيح؟ بل يقدر على صناعة المتعة من أي شيئ تقريبا، اعطه بعض الاوراق والاقلام وحتى كرة صغيرة، وسيفاجئك بقدرته على صنع شيء يبقيك مستمتعًا لساعات.

لذا يجب أن يتعلم مطور الألعاب كيفية صناعة المتعة مما حوله، وهنا يطرح السؤال نفسه، فما هي المتعة وما عناصر تحويل الاشياء الى لعبة؟ بالاصح، ما عناصر اللعبة الممتعة؟

ما هي المتعة وما هي اللعبة؟

في المعجم، فإن المتعة هي تجربة عاطفية جميلة تتميز بالرضا والسعادة. قد تكون قصيرة المدى أو طويلة المدى، وقد ترتبط بأنشطة أو أشياء أو أشخاص محددين.

وهناك الاستمتاع، وهي عملية إدراك المتعة، تستطيع القول أن الأشياء من حولنا التي نقوم بها لأجل المتعة هو الاستمتاع، لذا يجوز قول أن الألعاب تحقق المتعة عن طريق الاستمتاع -بعض الفلسفة ولكنها مهمة.

اذا فان اللعبة هي النشاط أو الفعالية المسلية التي تروح عن النفس وادخال السرور عليه – اي تستمتع -، لذا فان الألعاب يجب أن تكون ممتعة.

ويجب وضع حد فاصل هنا بينا ألعاب الفيديو والألعاب الحقيقية مثل الدمى مكعبات الليجو، الثانية هي أغراض ونماذج صغيرة تساعدك في بناء الألعاب، هي ليست لعبة بحد ذاتها، ولكنها تساعدك في ذلك، بعكس الاولى، فهي لعبة بحد ذاتها.

ولكن لما ذلك الفرق موجود؟ لما اقول على الاولى لعبة والثانية لا؟ ذلك يكمن في عناصر بناء الألعاب.

عناصر اللعبة الأربعة

الألعاب تتكون من اربعة عناصر جوهرية، وهي (الهدف – القوانين – التحدي – اتخاذ القرارات)، وجود هذه الاربعة بقياسات مناسبة يكون لنا المتعة التي تحدثنا عنها من قبل.

هناك ايضا اللاعب، ولكنه عنصر مسلم به لا حاجة حتى لذكره، واستطيع الاستفاضة هنا بشأن فلسفة الوجود وان اللاعب اساسي ولا حاجة لذكره، لكن يكفي قول انه اساسي ولن اتحدث عنه !

ودعني أحدثك اذا عن بقية العناصر على حدى وما علاقتها بالمتعة.

الهدف

لا يرمح الناس اطلاقا بشيئ لا هدف له، يجب أن يتواجد هدف ولو كان بسيط، لعبة بسيطة مثل كرة القدم التي هدفها وضع الكرة في مرمى الخصم، أو حتى ربما الهدف هو إحراز رقم قياسي جديد.

قد يهدف اللاعب الى عمل شيئ في مدة مُحددة، وربما الهدف معقد جدا مثل إنهاء العديد من المهام المختلفة. 

لكن بعض الألعاب توفر أسلوبا مختلفا من الأهداف، فبينما أغلب الألعاب تخبرك بما يجب عليك فعله أو ما هو هدفك، إلا أنه يوجد ألعاب صندوق الرمال – sandbox، وهي ألعاب لا تحدد هدفك، ولكن تعطيك حرية فعل ما تشاء فيها.

وهكذا تحدد انت كلاعب ما يجب فعله. أي في النهاية يوجد هدف، ولكن اللاعب يحدده لنفسه، مثل لعبة ماين كرافت التي تعطيك حرية البناء والتكسير ،والاستكشاف وغيرها الكثير. فتقرر مثلا بناء بيت أو مدينة كبيرة، أو تنهي اللعبة في وقت قياسي.

عدم وجود هدف يمكن تسميته بالعبثية، أي لا فائدة من فعل أي شيء. والبشر لا تحب العبثية، لذا عدم وجود هدف يعني أن يكره الناس/اللاعبون النشاط الموضوع امامهم – اي اللعبة في هذه الحالة.

التحدي

التحدي هو نوع من العرقلة التي تمنعك من الوصول الى الهدف، وموجود في الألعاب بعدة طرق، وبما أن مهمته منعك من هدفك، إذا يتشكل ذلك التحدي بتشكل الهدف.

مثلا في لعبة تنس الطاولة التحدي هو الشبكة بالاضافة الى خصم يحاول تحقيق هدفه. بعض الألعاب الاخرى التحدي فيها هو مؤقت، فيجب أن تفعل شيئا محدد في زمن محدد.

وهناك ألعاب فيديو التي فيها التحدي هو عقبات المرحلة مثل المسامير على الارض والجدران وذلك لتحدي مهاراتك في القفز والتحكم في الشخصية -باركور – أو اعداء يحاولون قتلك باسلحتهم.

قد يكون التحدي صعبا جدا لدرجة استحالته، أو سهلا جدا لدرجة اي ليس تحديا اصلا، لذا يجب عليك موازنة الامر كمطور ألعاب، يجب أن يتناسب التحدي مع الهدف ومع قدرات اللاعب نفسه.

وأنبه لوجود ما يسمى بالفئة المستهدفة، وهم اللاعبين الذي تريد الوصول اليهم، فان اردت الوصول إلى الأطفال وكبار السن، ربما يجب تسهيل التحدي، وان اردت الوصول الى اللاعبين المحترفين، فصعبه بما يتناسب مع ذلك 

عندما يرى اللاعب نفسه قادر على تعدي العقبات التي أمامه أو اجتياز التحدي الصعب (بالنسبة له) فالاكيد انه سيشعر بالرضا عن نفسه مما يجعله سعيدا، وهذا هو الجزء الثاني من المتعة مثل التعريف، وهو شعور الرضا. 

القوانين

لسببا ما، نحب نحن البشر الكسل والمماطلة، لذا دائما ما يتعاون عقلنا معنا لإيجاد حلول سهلة للصعاب التي تواجهنا، فإن تواجد تحدي صعب، فلا بد من وجود طريقة سهلة للوصول إليه.

فمثلا في سباق الركض، قد يستخدم المتسابق سيارة أو دراجة !، هكذا سهّل تحقيق هدفه. بدون قوانين يمكن للاعب فعل ما يريد، ولا شيء يربطه مع التحدي الموضوع، فالاكيد انه سيتحايل على التحدي للوصول إلى ما يريد.

القوانين في الألعاب تهدف لوضع حدود إمكانيات العقل البشري حتى لا يتحايل في الوصول الى الهدف، وتجنب التحدي الموضوع. وبالطبع تهدف أيضا لوضع نظام عادل يبتعد عن الغش في الألعاب التنافسية.

القوانين تشبه التحدي قليلا، ولكن تختلف عنه بأنها ثابتة، فربما التحدي مُتغير، مثل الاعداء والخصوم، اي ربما يواجه خصما سهل أو اخر صعب، ولكن القوانين ثابتة لا تتغير، لذا هي نوع من التحدي النظامي.

القوانين جزء كبير في الفارق بين الألعاب الفعلية والدمى، لأن الثانية ليس بها قوانين محددة للعب بها، فإن طريقتك في اللعب تختلف عن شخص اخر، وما أن تضع قوانين لكيفية اللعب بها، حتى تُصنع لعبة فعلية.

وفي تطوير ألعاب الفيديو، احياناُ لا حاجة لوضع قوانين حقيقية يمكن للمرء رؤيتها، لأن عالم اللعبة نفسه كافي لصن هذه القوانين، مثل أن اللاعب لا يستطيع القفز اصلا!

واحيانا تحتاج لوضعها حتى يفهم اللاعبون المطلوب ولما لا يستطيعون فعل شيئ محدد، مثل ألعاب الورق أو ألعاب تقمص الأدوار – rpg.

اتخاذ القرارات

واراه أهم عنصر من البقية، فلا يكفي اعطائك هدف وتحدي وقوانين اللعب. فمن قال أن هذا يكفي لتستمتع؟ ماذا لو كان هدفك أكل طبق سلطة، والتحدي اكل الطبق كله، والقانون هو استخدام المعلقة !

أكل السلطة مازال غير ممتع، فيجب أن يتوفر العنصر الأخير وهو اتخاذ القرارات. ويعني أن توفر عدة خيارات مختلفة للاعب، فيمكنه تحقيق هدفه بالطريقة التي يحب.

البشر يحبون أن يكونوا على صواب، لذا أن اتخذ اللاعب قرار صائب، يشعر بالفرح والسعادة ، وذلك كان الجزء الثاني من تعريف المتعة. لذا وضع قرارات مختلفة عنصر أساسي في تكوين الألعاب الممتعة.

ويجب ايضا وجود خيارات خاطئة قد تؤدي لخسارتك. هكذا تضيف متعة اتخاذ القرار الصائب. والا لما يفرق قرارات اللاعب في شيئ. 

وهناك قرارات لحظية، مثل دخول مسار وترك الآخر، وهناك اخرى طويلة المدى، مثل زرع محصول البطاطس بدلا من البصل في لعبة ستاردو فالي في الموسم الخاص بها (وتحصده بعد فترة طويلة من الاعتناء بهم).

الموازنة

إذا ما نظرنا لهذه العناصر الاربعة كانها قياسات رقمية، فيجب اذا أن يتوافقوا في تلك القياسات.

الهدف المعقد مع العديد من الخيارات المتاحة وقوانين صارمة يؤدي الى صعوبة في اللعب، وفي الاغلب ذلك سيئ. وايضا العكس صحيح، تحدي سهل جدا مع هدف تنهيه بضغطة زر ايضا سيئ.

قلة الخيارات يعني أن اللاعب ليس له حرية الاختيار لذا ما يفعله ليس له تأثير، لذا فهي لعبة مُسيرة -اي خطية- وهذا النوع من النشاطات دائما ممل.

يمكنك التأكد من أن لعبتك ممتعة عن طريق جعل غيرك يلعبها، وإن لم يستمتع بها، حاول موازنة هذه العناصر الاربعة مجددا، واعادة فعل ذلك حتى تصل لمرحلة أن اللعبة ممتع.

يوجد تصنيف “تجربة اللعب” والذي فيه نتحدث عن كيفية تحسين لعبتك، سواء بموازنة هذه المقاييس او غيرها

ماذا عن الألعاب الحقيقية؟

تحدثت بالفعل في أكثر من جزء في المقال عن هذه الألعاب، ولكني اجمع لك تلخيص لها هنا.

الدمى والسيارات الصغيرة و مكعبات الليجو كلها يقال عليها ألعاب، ولكنها ليست ألعاب في حد ذاتها، بل ما يمكن انشائه بها هو اللعبة.

تخيل قصة دمية أو إنشاء مضمار خاص بالسيارة والتاكد انها تستطيع اجتيازه أو بناء بيت من المكعبات، ذلك هو اللعب، لأنك وضعت أهداف وتحديات لها.

وما أن تنص عليها قوانين ثابتة لكيفية اللعبة بها حتى تتكون اللعبة التي يمكن لغيرك لعبها. خذ مثلا مكعب الروبيك، إن لم يكن هناك قانون بمنع فك المكعب واعادة تركيبه، لما أصبحت لعبة، بل فقط مكعب ببعض تقنيات الحركة.

ليس شرطا

تحدثت كثيرا عن المتعة واللعب والألعاب وعناصرها الاساسية، ولكن البشر كائنات معقدة، لا نستطيع وصف مشاعرها بسهولة، قد يكون شرب القهوة في الصباح نشاطا ممتعاُ، ومجالسة من تحب والحديث معه ايضا ممتع.

المتعة مازالت غير مفهومة لنا نحن البشر، ولكن نحاول قدر الامكان وصفها وتجربة اذا ما كانت اوصافنا صحيحة لها.

لذا ليس شرطا أن تكون لعبتك ممتعة إذا ما وضعت الـ4 عناصر المذكورة فقط، بل ربما تكون سيئة وتحتاج للمزيد من العناصر الاخرى فيها للاستمتاع بها.

اؤمن أن الاربعة عناصر هذه تكفي لتحويل اي شيئ حولنا الى لعبة، وبقية العناصر  الاخرى هي كماليات فرعية، فأخبرني ما رايك بهذا الشأن إذا، أترى أنهم يكفوا فعلا لإنشاء ألعاب ممتعة؟

مصادر: عناصر الألعاب, تصميم اللعبة، المتعة
مصادر الصور : صور 1، صورة 2, صورة 3

2 1 vote
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments