تحليل طريقة بناء اسلوب الرسوميات في لعبة DeadCells

رسوميات

عندما تقرر عمل لعبة جديدة، فان احد اهم الاشياء التي يجب تحديدها هي أسلوب الرسوميات الخاص بالعالم والشخصيات، وكمطور مستقل فإن كون مواردك محدودة، سواء من وقت، أو ميزانية، او خبرة، لهذا لن يمكنك اختيار ما يتطلب هذه الأشياء.

شيء مثل الألعاب الواقعية ثلاثية الأبعاد، كـ هورايزون زيرو داون. او حتي النوع الخيالي، مثل اسطورة زيلدا : دموع المملكه.

كونها عناوين تتطلب جهدا ووقتاً كبير جدا، لانشاء جميع مكوناتها بشكلها الحالي.
مما يحصرك في اساليب اخرى، مثل المضلعة – Low Poly، او الرسومات اليدوية، أو حتى النقطية – Pixel Art.
وهذا الأخير تجده الاكثر شهره في الألعاب المستقلة، واحدها بالطبع هي لعبة ديد سيلز – Dead Cells.

ولكن مهلا، هل أسلوب لعبة ديد سيلز  هو النقطي فعلا كما يبدو الامر؟
ليس بالضبط، او لنقل انها ليست بالكامل تكونت بالأسلوب النقطي، وان جربتها لابد انك لاحظت ان هناك شيئا فريدا بها، ولا يشابه باقي العناوين، والتي تتبع هذا النوع من الرسوميات.

الا انك قد تكون واجهت صعوبة في معرفته، والآن حان الوقت لكشف سرها، وبدون اطالة أكثر، لنتعرف الآن على سر أسلوب ديد سيلز  المميز. بداية بالتعرف على كيفية تحويل المجسم للأسلوب النقطي.

تحويل المجسم لنقاط

لابد انك لاحظت ان ما يبدو مختلفا فيها هو الشخصية الرئيسية الذي يدعي مقطوع الرأس – The Beheaded، بالاضافة الى الاعداء، والذي يتوجب عليك مقاتلتهم طول الوقت.

ويبدو عليهم جميعا أن هناك طابع ثلاثي الابعاد، بالاضافة لطريقة حركتهم التي تبدو أكثر سلاسة، مقارنة بالرسم النقطي – Pixel Art العادي.

هذا بالفعل لأنها مجسمات ثلاثية الالعاب، من حيث الصنع، ولكن ليس في الشكل النهائي، فكيف يحدث هذا إذا؟

بداية يتم انشاء الشخصية المرغوبة في أي برنامج خاص بالتصميم ثلاثي الابعاد، مثل Blender، 3ds Max، Maya، وفي حالة ديد سيلز تم استعمال 3ds Max، ثم بعد ذلك تأتي خطوة التحريك، والتي تتم أيضا في البرنامج ثلاثي الأبعاد.

تأتي الآن مرحلة تحويل المجسم بحركاته الي رسم نقطي، ليأتي دور البرنامج الذي تمت صناعته خصيصا لذلك الغرض من قبل فريق تطوير اللعبة.

وظيفته هي استقبال المجسم ثلاثي الابعاد مع حركاته، ومن ثم عمل معالجه له، وإظهاره في النتيجة النهائية بدقة منخفضة جدا.

لكن هنا توجد نقطة مهمة، لأنك إن جربت فعل هذا، فأنه في الحالات العادية سوف تلاحظ خروج صورة ضبابية ومشوهه، ولا تمت للرسم النقطي بصلة، وذلك لأنه بشكل افتراضي يتم تطبيق ما يسمى بالتنعيم – antialiasing.

وكما تلاحظ في المثال التالي، فهو يقوم بعمل تنعيم الحواف الحادة، التي تقلل من الشكل النهائي لللعبة. مثل :
( الاضائات الخلفيه، حواف المباني، أجسام السيارات )

لكنه جيد في حالة الألعاب ثلاثية الابعاد، او حتي ثنائية البعاد، التي تستعمل صورا بدقة عالية، بينما الأمر في الرسم النقطي – Pixel art مختلف، حيث انك لا تريد تنعيم اي حواف حادة، لأنها أحد العناصر التي تميز ذلك الأسلوب من الأساس.

لذلك يجب الغاء خاصية التنعيم أثناء مرحلة تحويل المجسم ثلاثي الابعاد الى رسم نقطي، وقد تستغرب من حديثي عن هذه الخاصية، كونهم يستعملون برنامجا خاصا بهم، ويستطيعون بكل بساطة عدم إضافتها من الأساس.

 ولكن بسبب أن البرنامج من تطويرهم ولم يتم نشره، فلا توجد صلاحية لنا لاستخدامه، مما يجعلنا مقيدين باستعمال أي برامج جاهزة، والتي يتم صنعها لأغراض عامة، وليس لتحويل المجسمات لنقاط، و تجد بها ذلك الخيار بشكل افتراضي، مما يوجب عليك ايقافه اولا.

والآن تأتي مرحلة تصدير كل هذا العمل علي هيئة تسلسل صوري – Sprite Sheet خاص بالألوان، بالإضافة لأخرى خاصة بناظمات السطح – Normal Map، ولكن لماذا؟

جعله يستحق الرؤية 

يرجع الأمر لنوع الشيدر الذي يتم استخدامه لعرض هذه الشخصيات، وهو الشيدر الكرتوني – Toon Shader.

وذلك لأنه في هذا النوع تحتاج معلومات ناظم السطح لكل جزء على المجسم، لكي تقوم باستعمالها في معادلة رياضية، لكي تخرج لنا في النهاية بالمظهر النهائي، كما يوجد مقال مفصل عنها باستخدام محرك يونتي.

ناظم السطح هو متجه عمودي على سطح أي وجه في المجسم، ومقدار طوله = مساحة ذلك السطح.

ولكن ناظم السطح في الرسوميات ثنائية الأبعاد حاله مختلف، لانه بافتراض وجود ناظم سطح لشخصية لعبة ديد سيلز المدعو “مقطوع الرأس”، فسيكون ناظم سطح واحد، في اتجاه واحد، لأن صورة الشخصية يتم عرضها بشكل مسطح، على سطح مربع، مما يجعل هناك ناظما واحدا، عموديا على ذلك السطح, أي باتجاه الكاميرا.

وهنا يأتي دور صورة ناظم السطح التي تم توليدها ، والتي تقوم بمحاكاة ناظمات السطح لصورة الشخصية، ومن خلالها يمكن استخدامها لتنفيذ الشيدر الكرتوني.

السبب وراء هذا الأسلوب ؟

وجود حاجة لتصميم عدد كبير من الاسلحة والقدرات مع الحركات الخاصة بها، أنواع مختلفة من الوحوش كل له اسلوبه وحركاته، قلة خبرة توماس – Thomas Vasseur، بالاضافة لكونه الرسام الوحيد في بداية مراحل تطوير اللعبة،

كلها عوامل تؤكد أن رسم كل عناصر اللعبة بالطريقة التقليدية، سوف تأخذ وقتا كبيرا جدا، وجهدا أكبر، وذلك لم يُتاح لهم في ذلك الوقت.

مما جعل هناك حاجة اكبر للإتيان بطريقة عمل جديدة تختصر معظم ذلك الوقت، ولا تتطلب رسم كل محتوى اللعبة بشكل يدوي لكل لقطة، وهو ما أنتج ذلك الأسلوب الجديد، وهو ما جاء بمميزاته التي توفر الكثير من الوقت.

 علي سبيل المثال، ان كان هناك حركة للشخصية لا تناسب نظام اللاعب، أو كانت قوية او ضعيفة أكثر من المطلوب، فما الحل في هذه الحالة؟

ببساطة يمكن لتوماس الرجوع لبرنامج التصميم ثلاثى الابعاد، وتعديل الحركة، لتناسب متطلبات اللعبة، ومن ثم تصديرها مجددا بنفس الطريقة، وكل هذا يأخذ وقتا أقل بكثير مما كان ليحتاجه لو اختار أن يعمل بالطريقة التقليدية، وهي الرسم يدويا لقطه بلقطه.

ايضا باستعمال هذا الأسلوب يمكن بسهولة اعادة استعمال حركة واحدة في عدة شخصيات، كونها تستعمل هيكلا عظميا واحدا داخل البرنامج ثلاثي الابعاد، وايضا القدرة على اضافة او ازالة اي جزء من الشخصية بسهولة، او حتى اعادة استعمال عنصر ما من شخصية قديمة، ووضعه على اخري جديدة يتم تصميمها لاختصار الوقت.

تعليقات شخصية

هناك بعض الأشياء التي لاحظتها او استنتجتها، والتي لم يتم ذكرها بشكل رسمي، ولذلك تركت لها جزءا خاصا بها.

في الأداة المسؤولة عن اظهار الشخصية بدقة منخفضة، يمكنك ملاحظة هذة القائمة التي يبدو أن بها أسماء عدة أجزاء من الشخصية، أي أن الشخصية عند تصديرها تكون اجزائها مرتبطة بالهيكل العظمي، بينما الأجزاء نفسها ليست مندمجه في مجسم واحد.

مما يتيح بعد ذلك اضافة لون مصمت لكل جزء بشكلاً مستقل، لكي لا تتداخل مع بعضها في حالة استعمال نسيج ما داخل البرنامج ثلاثي الابعاد، بالاضافة لامكانية تغييرها بسرعة أكبر.

وعلى ذكر النسيج، فإن ذلك الأسلوب يصعب الامر في حال اردت اضافة نسيج بتفاصيل معقدة، كون معظم هذه التفاصيل غير قابلة للعرض في اسلوب الرسم النقطي، والتي هي من أساسياته، أي فيه تقوم برسم التفاصيل الاساسية فقط، التي تقوم بتكوين شكل التصميم الذي ترسمه بوضوح، ليسهل التعرف عليه.

وايضا في مجسم شخصية مقطوع الرأس تجد أن لديه أصابع كاملة في يده، بينما في الصورة النقطية ستجد أن معظم تفاصيلها اختفت، مما يجعل المجسمات المعقدة غير مناسبة له، وتكون مقيدا بعمل مجسمات بأشكال بسيطة نسبيا.

هذه كانت بعض الأشياء التي قد يصعب ملاحظتها من اول مره، وقد تكون صحيحة أو خاطئة، ولهذا تركت لها مكانا وحدها، ويمكنك مطالعة المقاله الاصليه ايضا للمزيد من المعلومات عن اللعبه بشكل عام.

الحاجة ام الاختراع 

ماذا لو كان توماس اختار الطريقة التقليدية، وهي رسم كل صوره لقطة بلقطة بشكل يدوي، في أي برنامج خاص بالرسم النقطي ؟

بالطبع لم نكن لنرى هذا الاسلوب المميز، بالاضافة لان عدد الأسلحة والحركات والشخصيات كانت لتصبح اقل بشكل كبير، او أن يتم تمديد فترة التطوير بشكل اكبر، او ربما لن تري اللعبة النور ابدا.

دائما ما نسمع مقولة فكر خارج الصندوق، لا تتبع الحشد، كل هذه العِبارات التي تبدو رائعه فنقوم بترديدها لنظهر بمظهر الأذكياء ، لكن الرائع حقا هو ان نقوم بتطبيق هذه العبارات بشكل حقيقي، وليس مجرد العلم بها بلا طائل.

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments