وثيقة بناء اللعبة، ما هي؟ وكيف تكتبها؟

تصميم

يعتمد مطور الألعاب المستقل في بناء لعبته على أفكاره الشخصية او ما استلهمه من أفكار مما حوله، ولكن كل تلك الأفكار مازالت موجودة في عقله هو فقط بصورة ضبابية.

أفكار مازالت غير واضحة المعالم، وتظل في هذه الحالة حتى ينتهي من تحويلها الى تقنيات او رسومات فنية ظاهرة امامه يمكن له ولغيره رؤيتها.

المشكلة الاكبر تكمن في لو كان لدى المطور صديق او فريق يعمله معه، وقتها يجب على الجميع أن يكون له نفس الرؤية، ونفس التوجه.

ولا يكفي ذكر متطلبات العمل، لا يكفي قول (ما سنقوم بعمله الآن هو 1, 2, 3) لأن ذلك كلام عامي، ولن يوفر اجابات عن الاسئلة المطروحة، والاهم، ذلك كلام غير موثق، لذا يُمكن أن يُنسى بسهولة.

ويأتي حل كل تلك المشاكل في ما يسمى بـ (GDD) اي Game Design Document ويمكن ترجمته الى “وثيقة تصميم اللعبة” ولكن كلمة Design هنا لا تشير الى التوجه الفني، بل الى بناء اللعبة، لذلك هذا المقال عن:

وثيقة بناء اللعبة

هي وثيقة يُكتب فيها كل شيئ متعلق ببناء اللعبة، من تطوير ورسوميات وصوتيات وقصة وكل ما يتعلق بالوصول الى لعبة منتهية يمكن لعبها بدون مشاكل.

توفر الوثيقة خارطة طريق لكل فريق التطوير، بل وحتى أن كان المطور مستقلا وليس لديه فريق، فأنها تحدد له ما هي المهام التي لم يدرك اهمية التفكير فيها.

على سبيل المثال، أن كانت لعبتك مجرد لعبة مغامرات، فقد تهتم بالقصة وأسلوب التقدم في اللعبة، ولكن عندما تبدأ في كتابة الوثيقة، تجد انك في حاجة الى تحديد معالم العالم، وتحديد كل الشخصيات الاساسية في القصة، وتحديد التوجه الصوتي، وحتى تحديد اسلوب عرض الواجهات (UI).

وحتى تحصل على وثيقة جيدة، فيجب أن تضع فيها امثلة على ما هو مطلوب، أن كانت اللعبة لعبة اكشن، فهل شكل الشخصيات جاد ام كرتوني؟ هنا ينبغى وضع صور لشخصيات مشابهة لما هو مطلوب.

هل الوثيقة بالفعل مفيدة؟

يعتمد أهمية الوثيقة على لعبتك، أن كانت لعبة صغيرة يمكن تطويرها في اقل من شهر، فلا حاجة إليها، وحتى لو كانت لعبة تستطيع تطويرها في 3 أيام، فيمكن كتابة وثيقة لها في شكل خارطة ذهنية، لكن أحيانا لا فائدة منها بالفعل !

لذا من الافضل اولا معرفة ما أهميتها قبل تحديد إذا ما كانت مفيدة لك أم لا،
وفوائدها تتمحور حول 3 نقاط، هي كالتالي:

توحيد الرؤية

تحدثت في أول المقالة عن توحيد الرؤية، ولكن تخيل أن لم يكن للفريق نفس الرؤية، فقد تجد أن مصمم البيئة رسمها بأسلوب كئيب، ومصمم الشخصيات جعلها ذات طابع لا يتناسب ابدا مع الجو العام للكآبة.

بل حتى وان كنت مطورا مستقلا، فقد تكتشف أنك لم تحدد كيف يمكن للاعب أن يصل الى غرض مهم في اللعبة، بالتالي يجب عليك اعادة صنع مرحلة ما، فقط لأنك لم توحد رؤيتك الشخصية من البداية.

خارطة عمل

بتحديد شكل اللعبة النهائي وتحديد ما هو مطلوب من كل قسم، يمكن بسهولة بناء خارطة عمل يعرف منها كل فريق/شخص ما يجب فعله تاليا.

ويسهل على الإدارة توجيه تلك الاعمال وتحديد الاولويات منها، فلربما يوجد مهام لا حاجة للاهتمام بها في البداية. وحتى أن لم يكن هناك فرق، ويوجد فقط مطور مستقل، فيمكنه الآن معرفة أهم الأمور التي يجب أن ينفذها.

سهولة التمويل

يمكن أن تُعرض اللعبة على ناشري العاب او شركات او استديوهات خاصة بالتطوير لتبني اللعبة وتوفير الاستثمار الكافي لانهائها، وتسويقها والتعامل مع الأمور القانونية وكل ما يتعلق بالعملية الانتاجية التي لا يتاح للمستقلين تحقيقها.

ولكن للوصول الى هذه المرحلة يجب على الشركات أن تفهم تماما ما يتعاملون معه، لا يكفي شرح فكرة اللعبة بجمل بسيطة، بل يجب أن تكون هناك رؤية واضحة لكل جزء من اللعبة. وهذا دور الوثيقة بالظبط.

لذلك تتطلب الشركات هذه الوثيقة للتأكد أن مطوري اللعبة جادون في العمل ويعرفون ما يقومون به.

كيف تكتب وثيقة بناء اللعبة

ذكرت من قبل أنه حتى أن كانت لعبتك لعبة صغيرة جدا، فقد تكتب الوثيقة في شكل خريطة ذهنية تُمثل أهم المتعلقات الخاصة بلعبتك، فذلك يعد وثيقة ايضا.

ولكن ما يهم الآن هو كيفية كتابة الوثيقة الاحترافية، التي بها جميع متعلقات اللعبة وليس فقط الأمور المهمة منها، وكتابتها ليست وظيفة شخص مُحدد، بل يكتبها جميع الشركاء/المطورون مع بعضهم.

ويمكن كتابة الوثيقة على عدة مراحل، بل يمكن ايضا كتابة عدة وثائق، فوثيقة صغيرة فقط توضح الأفكار الاساسية، ويمكن عرضها للاصدقاء والاقارب واللاعبين، واخرى وظيفية، بها كل ما هو مطلوب لإنهاء اللعبة.

الأسلوب الأفضل في الكتابة هو البدء بكتابة محتوى صغير جدا في كل قسم من أقسامها، ثم عرضها على فريق العمل، ثم بدأ تحويلها إلى وثيقة وظيفية لتوحيد الرؤية، واخيرا المراجعة عليها كلها للتأكد أن كل جزء منها مناسب للجميع، ويمكن في النهاية التعديل عليها أثناء العمل أن كانت هناك حاجة إلى ذلك.

والان جاء الوقت اخيرا لعرض ما هي محتويات الوثيقة، ولكن وجب التنبيه، أن لكل لعبة أسلوب مختلف، ولكن ساعرض لك اهم المواضيع التي يٌفضل عرضها، والغالبية العظمى من الألعاب تحتاجها.

محتوى الوثيقة

النظرة العامة للعبة

هنا تعرض فكرة اللعبة الأساسية وما يميزها عن بقية الالعاب، وتكتب بشكل مختصر بقية الافرع الخاصة باللعبة وايضا الجمهور المستهدف الخاص بها. 

وتحدد أيضا تصنيف اللعبة مع امثلة على ألعاب أخرى بها ما يشبه لعبتك (مع ذكر لتلك المتشابهات). واخيرا اذكر المنصة الموجهة لها اللعبة،(هاتف أو حاسوب ام اخرى)

القصة

ليس لكل اللعاب قصة، ولكن أن كان للعبتك قصة، فيجب عليك ذكرها هنا وتحديد الشخصيات الاساسية، بل لربما تحتاج الى كتابة قصة تلك الشخصيات الاساسية وحتى تلك الجانبية. 

وان كانت اللعبة في عالم خيالي، فلما لا توضح معالم ذلك العالم؟ ما هي الانواع الجديدة فيه، وكيف تبدو بيئته وتضاريسه بل وحتى تاريخه.

يمكن أن تبدأ بذكر قصة قصيرة عامة، ثم البدء في كتابة القصة كأنها رواية، ويمكن أن تكتبها بالطريقة التي تُعرض على اللاعب، وكتابة الأحداث غير المتوقعة (plot twist).

وان كانت لعبتك صغيرة بلا قصة، يمكن كتابة قصة صغيرة جدا على الاقل.

نمط اللعب

نمط اللعب (Gameplay) هو ما يحدد الطريقة التي سيلعب بها المستخدمون اللعبة، وايضا هي الطريقة التي يٌعرف منها أسلوب التقدم في اللعبة.

فان كانت لعبة اكشن، فهل هي لعبة تستعمل فيها اسلحة الرماية (Shooter) ام السيوف؟ إن كانت لعبة الغاز فما نوع الألغاز الموجودة وكيف يستطيع اللاعب حلها؟

كما يجب التنبيه أنه أن كانت اللعبة تعتمد على الفيزياء بقدر ما، فيوجد قسم “الفيزياء” بعد هذا القسم، والذي به تحدد طريقة تفاعل الأجسام مع بعضها.

وايضا توضح في هذا القسم المدخلات الخاصة بالمستخدم (أزرار لوحة المفاتيح ويد التحكم)، وذلك كي يعرف فريق التطوير كيفية يتحكم المستخدم في الشخصية.

الرسم والأصوات

الرسم والاصوات كل واحدة لها قسمها الخاص، بل يمكن تقسيم الرسم الى جزئين وهما الشخصيات والبيئة، وتقسيم الأصوات إلى الأصوات الخلفية وأصوات المؤثرات. ولكن بالنسبة لي وضعتهم مع بعضهم لان بهم نفس المنطق.

فهنا تبدأ بتوضيح التوجه الفني والصوتي للعبة، اما بوضع امثلة جاهزة او تصميم تلك الامثلة بنفسك، الأهم أنه هنا يمكن للجميع تصور شكل اللعبة أخيرا كيف ستبدو عليها.

بناء المراحل

إن كانت لعبتك تعتمد على عدة مراحل، فمن الأفضل توضيح أسلوب بناء تلك المراحل، اهي صغيرة ام كبيرة، ما العناصر الاساسية التي توجد فيها وغيرها.

وماذا لو كانت لعبة عالم مفتوح (open world) او أن عوالم اللعبة يُنشئ عشوائيا مثل ماين كرافت؟ وقتها يجب تحديد كل ذلك، واتخاذ قرار بشأن الأسلوب الخاص ببناء عالم اللعبة ومراحلها. وهذا القسم مسؤول عن تلك الأمور.

الواجهات – UI

الأزرار والقوائم والنوافذ التي تظهر للاعب ويتعامل معها، مثل صفحات الإعدادات وواجهات اللعب (HUD)، ونظرا لان هذه الواجهات لا تحتاج أن تكون على نفس اسلوب الرسم العادي، فيمكن أن تضعها في قسمها الخاص.

وهنا لا يُذكر التوجه الفني لهذه الواجهات فقط، بل ايضا ما هي الواجهات الموجودة في اللعبة؟ هل زر الاعدادات موجود بداخل اللعبة، ام موجود بداخل قائمة تظهر عندما تتوقف اللعبة. وذلك ما يسمى بتجربة المستخدم UX

المتطلبات التقنية

ما هو المحرك المطلوب لصناعة هذه اللعبة، وما هي الاجهزة التي تتحمل تشغيلها، هل اللعبة بها ذكاء اصطناعي، وهل تحتاج الى خوادم (servers) لان اللعبة متعددة اللاعبين؟

هذا القسم يهتم بالجانب التقني والمتطلبات الخاصة بتطوير اللعبة، تذكر فيها الاجهزة والتقنيات والأدوات ولغات البرمجة وحتى الإضافات الجانبية للبرامج الاساسية وكل ما يحتاجه الفريق التقني لانهاء اللعبة.

تلخيص

هذا ما هي إلا مقدمة صغيرة عن وثيقة بناء اللعبة، فيها شرحت ما فائدة الوثيقة، وكيف يمكن لها أن تكون مفيدة في وضع خارطة طريق فريق التطوير، وايضا مساعدة المستقلين على إيجاد استثمار.

وفي الوثيقة يوجد الكثير من المحتوى الخاص بتطوير اللعبة، سواء بوضع القصة وتحديد أسلوب اللعب وتحديد التوجه الفني وغيره الكثير من متعلقات التطوير.

وفي درس قادم، يمكن أن نتطرق إلى بعضاً من الامثلة الحقيقة لتلك الوثائق، مع قوالب جاهزة للاستخدام مباشرة.

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments